Al-Hikam Ibnu Athoillah
درس كتاب الحكم العطائية
الخميس 03-10-2019
الباب الأول إذا
علمت أن الشيطان لا يغفل عنك، فلا تغفل أنت عمن ناصيتك بيده.
البيان والشرح :
المقصود
هنا أن الشيطان لا ينساك، فلا تنس أنت الله عز وجل الذي نصيبك على
يده. والشيطان لغة شاط، شيطا، قيل احترق والحريق. أو شاط فلان أي
هلك. واصطلاحا روح شريرة. والناصية هي مقدم الرأس. هنا مجاز المرسل
علاقته جزئية. ذكر الجزء وقصد الكل.
قال
تعالى في كتابه الكريم : إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيلا.كيف نحن
نذكر الله و ننجو من وسواس الشيطان؟ فعلينا أن نتوكل على الله. فمن تحقق بهذه
الصفات العلية من الإيمان بالله تعالى والعبودية له والتوكل عليه واللجاء
والافتقار إليه والاستعاذة والاستجارة به، يستعاذ بالله منه. قال سيدي أبو
العباس المرسي رضي الله عنه في قوله تعالى : إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه
عدو. قوم فهموا من هذا الخطاب أنهم أمروا بعداوة الشيطان فشغلهم ذلك عن محبة
الحبيب. وقوم فهموا من ذلك أن الشيطان لكم عدو أي وأنا لكم حبيب فاشتغلوا بمحبته
فكفاهم من دونهم. وقال أهل العلم إن لكل أحد من الناس وسواسا موكلا به
مستبطنا قلبه واضعا رأسه، فإذا غفل العبد وسوس وإذا ذكر الله خنس أي تأخر
واستتر. وقيل صدر ابن آدم مسكن له ومجراه من ابن آدم مجرى الدم وأنت لا
تفارقه أي لا تخاصمه أو لا تدافعه إلا
بعون الله تبارك وتعالى. فاستعن بالله. وقال ذو النون المصري رضي الله عنه : إن
كان هو يراك من حيث لا تراه فإن الله يراه من حيث لا يرى الله فاستعن بالله
عليه. وعن أبي سعيد الخضري رضي الله تعالى عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقول : قال إبليس لربه عز وجل بعزتك وجلالك لأبرح أغوى بني آدم ما دامت
الأرواح فيهم قال له ربه : وهزتي وجلالي لأبرح أغفر لهم ما استغفروني.قال الله
تعالى في سورة الناس (قل
أعوذ برب الناس. ملك الناس. إله الناس. من شر الوسواس الخناس. الذي يوسوس في صدور
الناس. من الجنة والناس.)
وهناك
قصة نبي الله آدم عليه السلام وسيدة حوى مع إبليس في الجنة. يوجد في سورة البقرة =
أية ٣٥ – ٣٧ وفي سورة الأعراف : أية ١٩ – ٢٣ (وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ
الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ
فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ * فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ
لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا
عَنْ هَٰذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ
الْخَالِدِينَ * وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ *
فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ ۚ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا
سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ ۖ
وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ
لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ * قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا
أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ
الْخَاسِرِينَ)
وحكمة
التعوذ : فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم. (النحل) وإما ينزغنك
من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم. (الأعراف) يجعل الشيطان العبد غافلا
عن طاعة الله. وينبه الإنسان أن لا ينسا ذكر الله. والشيطان يسكن في نفوسكم. لابد
لنا أن نذكر الله في كل وقت وحين، على سبيل المثال حينما يدخل الحمام. هناك الوصية
للحكمة، أقرأ أولا. لأن القراءة مهمة في الحكمة. كيد الشيطان؟ يرجع إلى ذكر الله.
قلب الإنسان زيادة ونقصان مثل الإيمان. وقال تعالى : ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ
هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب.
يعيش
العبد على هاتين دائرتين. الدائرة الأولى دائرة خيرية. فيها أعمال الخيرات
والصالحات. والدائرة الثانية دائرة شيطانية فيها أعمال السيئة. مثل يعمل شخص عملا
خيرا ولكن نيته ليست صحيحة. حكمة وجود الشيطان، ليجعلنا نذكر الله. لكل شيء في
الحياة حكمة. والغفلة جزء من الناس. التلازم نسي وذكر. ذكر الله الصبر، المثال على
المرض. قال تعالى : ما خلقت هذا باطلا. أي إلا بالحق. جعل الله كل شيء بلا سدى ولا
عبسا. وقال تعالى : ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين. مكيدة الشيطان على
قول الشيخ رمضان البوطي. فلا تنس أبدا ذكر الله!
الباب الثاني جعله لك عدوا، ليحوشك به
(أي بالشيطان) إليه. وحرك عليك النفس, ليدوم إقبالك عليك.
البيان والشرح :
ليردك
(يقول الأراء) حاش الصيد من سائر الأطراف. أي أراد أن يغفر فصد عليه الطرف
والمنافذ من سائر الأطراف ليرده إلى الحبالة (لم ينج الفأر من الحبالة) فيقع فيها.
أن الشيطان جعل أو يتخذ لأهوانك كل السبل المختلفة التي تبعدك عن الله تعالى. قد
أعلمك الله عز وجل أن الشيطان عدوك وأنه يبتغي بك شرا، وأنه إن خيل لك أنه ناصح
فهو كاذب. فإذا علمت ذلك وأيقنت أنه عدوك كما يكرد بيان الله. فإنك سترتد عن سائر
السبل التي يدعوك إليها. كلما رأيته واقفا على فم طريق يدعوك إليه، رأسا تجتنب هذا
الطريق بما تعلم (أي تجتنب هذا الطريق الذي يدعوك إليه بسرعة أو تجتنب مباشرة)
من
أن هذا عدو لك ولن يدعوك إلى هذا السبيل إلا لأن فيه وهلكك وشقائك (أي يجعلك
الضلال) وهكذا فإن الله عز وجل عندما سلط الشيطان عليك وأعلمك أنه عدو لك، كانت
ثمرة ذلك أن هذا الشيطان الذي أعلمك الله أنه عدو لك يجعلك ترتد عن هذه السبل
المختلفة كلها وتبتعد عنها. كلما رأيته يدعوك إلى سبيل تعلم أنه سبيل الهلك تبتعد
عنه إلى أن لا يقع أمامك إلا سبيل واحد (وهو السبيل الوصول إلى مرضات الله تسلك أي
فاتبعوا). طيب، هذا الواقع نتيجة. لماذا؟ نتيجة لتسلط الشيطان عليك ولإعلام
الله إياك بأن الشيطان عدو لك فاتقه واجتنبوه فاستعذ بالله.
وحرك عليك النفس، جعلك
تطمع بالحرام جعلك تفرج بالشهوة بالرغائد بها المختلفة إلى أن نهاك الله
عليها. وليدوم إقبالك عليك، إذن كيف خلصوا من هذا الحال بأن تجاهد نفسك في أن
تصعدها شيئا فشيئا من مستوى النفس الأمارة إلى مستوى النفس الراضية والنفس
المطمئنة كيف كما أن بإقبال على الله. اللهم ارحمني لذة معصيتك وارزقني لذة طاعتك
(دعاء الشيخ متولى الشعراوي). لكل شيء حكمة وفتنة.
Posting Komentar