Al-Hikam Ibnu Athoillah
درس كتاب الحكم العطائية
الخميس 17-10-2019
الباب الأول من أثبت لنفسه تواضعا, فهو المتكبر حقا. إذ ليس التواضع
إلا عن رفعة. فمتى أثبت لنفسك تواضعا, فأنت المتكبر حقا!
البيان والشرح :
إن كنت ترى أن نفسك
تواضعا فأنت المتكبر حقا ولست المتواضع ; لأن التواضع هو أعلى مقام بين الناس. من
الذي رأى أنه التواضع فرأى أن نفسه في أعلى مقام من غيره. فهو ليس المتواضع ولكنه
المتكبر حقا, والتواضع هو رفعة. قال النبي: "من تواضع رفعه الله", وإن
كنت ترى أن غيرك التكبر وأنت من المتواضع فأنت المتكبر حقا. والتواضع أحد من صفة
محمودة يدل على طهارة النفس وعدم التعالي و التكبر. كما قال النبي "لا يدخل
الجنة من كان في قلبه مٽقال حبة من خردل من كبر"
قال أبو يزيد: "ما دام العبد يرى في الخلق
أشر منه فهو المتكبر ولا يكون متواضعا حتى لم يٽبت لنفسه حالا ولا مقالا"
قال الجنيد رحمه الله تعالى: "من رأى نفسه قد
تواضعت فهو يحتاج إلى التواضع, ولو تبرأى منها ومن تواضعها لكان متواضعا"
إثبات التواضع يقتضي وجود
الرفعة لا محالة. إذ لو كانت معدومة لكان ضدها وهو الضعة. وجود الضعة لا يحتاج إلى
إثبات من العبد، لأنه ثابت في نفسه. وأيضا فإن لفظة "التواضع" تؤذن
بذلك. فإن التواضع تفاعل من "الضعة" وأكثر باب التفاعل موضوع لإظهار
الضعة وليست كذلك كالتناوم والتناكر والتفارح والتماوت وغير ذلك. والمطلوب من
العبد إنما هو أن يتصف بذلك حقيقة لا إظهارا فقط. وهناك بيان آخر لما ذكره من أن
العبد المتواضع حقيقة لا يثبت التواضع لنفسه حقيقة، لأنه يشاهد من ضعة قدره وخمول
ذكره وذلته ومهانته ما يمنعه من ذلك. كما قال الشيخ أبو عبد الله القرشي رضي الله
عنه : من وجد ذوق ذله في ذله فهو متعزز أي متكبر وفيه بقيه. وقال : من رأى لنفسه
قيمة فليس له من التواضع نصيب. قيل : فمتى يكون متواضعا؟ قال : إذا لم ير لنفسه
مقاما ولا حالا وتواضع كل أحد على قدر معرفته بربه وبنفسه. الضعة تلصق في نفس
الإنسان ولكن الرفعة لا تلصق في نفس الإنسان. وفي الحكمة "ليس
المتواضع..." هذا سهل. هذا منهج للمسلمين. ولفظ "دون ما صنع" معناه
ليس "غير". المقصود أسفل. ليس المتواضع إذا رأى لنفسه مزية على الأشياء
في زينة نفسنا، مثل الذهب والفضة. تنشأ صفة المتواضع إذا كان مسلما. لانترك عبودية لله. لأننا
عابد إلى الله أنا عبد ذليل الذي يحتاج توفيق الله عناية الله.
التواضع معرفة الناس إلى
نفسه. ينزل من علوه أو يتنازل إلى مستوى غيره. يرجع إلى الله ويعبد إلى الله ولا
يدعو إلا إلى الله. التواضع صفة تتعلق بين العبد وربه. الناس يعمل ويظهره على
الآخرين فهو متكبر. قال رسول الله : إذا تواضع العبد رفعه الله إلى السماء. ولا
يزيد العبد إلا رفعة.
الباب الثاني ليس المتواضع الذي إذا تواضع رأى أنه فوق ما صنع. ولكن
المتواضع الذي إذا تواضع رأى أنه دون ما صنع.
البيان والشرح :
التواضع هو أعلى مقام بين
الناس, من الذي رأى أنه التواضع فرأى أن نفسه في أعلى مقام من غيره. فهو ليس المتواضع ولكنه المتكبر حقا. ٽم من المتواضع؟ هو
الذي لا يرى نفسه أنه التواضع ولكنه دائما رأى أنه لا شيئ له. ولا مقام له ولا
مرتبة له. مٽلا، أنا من العالم والفصيح والبليغ. وكل الناس يعرفونني أنني كذلك.
ولكن أجلس في مؤخر المجلس جانب الأخذية مٽلا (ومن الغالب أن مكان العالم في أمام
المجلس فأنا في الحقيقة أستحق أن أجلس في الأمام)؛ ليجعل الناس يظنون أنني من
المتواضع، ومن هذا أنا المتواضع عند الناس ولكن عند الله المتكبر؛ لأن من الذي يرى
أننا من المتواضعين هو الله وحده، لست أنا ولا أنتم ولا كل الناس. وإن أنا لست من
العالم ولا الفصيح ولا البليغ، وأجلس في أمام المجلس (ومن الغالب أن مكان غير
العالم في مؤخر المجلس فأنا في الحقيقة أستحق أن أجلس في مؤخر المجلس)؛ لأنني أرى
نفسي لست من العالم ولا الذكي فأحتاج إلى فهم الأكٽر، ومن هذا أنا المتواضع.
قال الشبلي رحمه الله
تعالى: "من رأى لنفسه قيمة فليس له من التواضع نصيب"، مٽلا هناك شخصان
يمشيان وكلاهما يحصلان على تقدير الإمتياز وعندهما حفلة التكريم غدا، والشخص
الواحد التقى مع أصدقائه في الشارع فيخبر إليهم ليحضروا في حفله، فالشخص الٽاني
يقذف في قلبه أنه أيضا حصل على الإمتياز ولكنه لا يفعل مٽل الشخص الواحد، فهو
يحاكم أن الشخص الواحد هو التكبر، فهو نفسه (الشخص الٽاني) التواضع, من هنا عرفنا
أن الشخص الٽاني رأى أن لنفسه قيمة (التواضع) إذن هو في الحقيقة ليس التواضع.
ومن علامة التحقق
بالتواضع:
1- أن لايغضب إذا عوتب (نبه بصيغة جميلة), مٽلا
أنا فعلت خطأ، وصديقتي نبهتني أو خبرتني أن فعلت خطأ وأمرتني بأن لا أفعل مرة
أخرى، وأنا لا أغضب بما فعلت صديقتي إذن أنا من المتواضع
2- لا يكره أن يذم أو يقذف بالكبائر
3- لا يحرص على أن يكون له عندهم قدر وجاه
4- ولا يرى لنفسه موضعا في قلوب الناس, مٽلا أنا
عندي حسن الخلق فطبعا من عنده حسن الخلق فله موضعا في قلوب الناس والناس يحبونه،
ولكن أنا لا أرى نفسي أنني عندي حسن الخلق فلا أرى لنفسي موضعا في قلوب الناس، إذن
أنا من المتواضع.
أقسام التكبر : التكبر
عاى الله والتكبر على الرسل والتكبر على العباد. والكبر ينقسم إلى الباطن (في
نفسه) والظاهر (أعمال تصدر عن الجوارح). المهم, التواضع هو تعامل مع الله وليس
التعامل مع الناس, قال الشبلي رحمه الله تعالى: "ذلي عطل ذل اليهود"
بمعنى ذل لله تعالى أعظم من ذل اليهود.
Posting Komentar